بمناسبة الضوء و الظلام
هناك لحظة نادرة تأتي الي كل أنسان ,. تفاجأه أينما يكون , أى في هذه اللحظة يستطيع أن يرى الحقيقة , لا يهم أى نوع حقيقة من الحقائق , و لكن الذى يهم هو أنه يستطيع أن يراها , أنها لحظة تشبه بما يقال (مكشوف عنه الحجاب) , أى في هذه اللحظة لا يوجد هناك حجاب بينه و بين ما يراه , تماما كالأنبياء أو العلماء , يرى بشعوره و يبصر بعيناه الحقائق , أنها تأتي و ترحل فجأة , انها لحظة تأتي لي وتأتي لك وتأتي للآخرين , ليس لها أى مقدمات أو ميعاد , و تأتي في أى عمر من الأعمار , ربما في العشرين من العمر , و ربما في الثلاثين , و ربما في سن الأربعين ( سن وحي الأنبياء , و سن طلب المغفرة و الأستقامة ) , و اذا لم تأت للأنسان خلال حياته , لا أنصحه بأن يتساءل لماذا لم تأت ألي هذه اللحظة , قد تكون هذه اللحظة هي آخر لحظة في حياته و هو يحتضر قبل الموت , فيرى كل شيء في حياته في لحظة , هي فعلا لحظة خاصة جدا بالأنسان لا يشاركه فيها أحدا سوى الخالق عز وجل , فيرحل مبتسما أذا كان قانوعا في حياته.
ليست هناك مشكلة متي تأتي هذه اللحظة أو متي سوف تأتي , قد تأتي مرات عديدة لبعض الأشخاص الذين علي صلة عميقة بالخالق عز وجل, أو علي صلة متفحصة بهذا العالم الذى نعيش فيه.
أنها لحظة تشبه ضوء البرق حين يضيء في الأفق مثلا فيضيء ما حوله لمدة لحظة و يختفي , في هذه اللحظة تستطيع أن ترى الأشجار أو النخيل أو المدينة حيث ضوء البرق في الأفق لبرهة ثم يعود عليها الظلام فيخفيها.
هي أيضا كالضوء الموجود داخل كل أنسان , و الذى يسمي الضمير , فحين يضيء هذا الضوء ما حوله داخل الأنسان يستطيع أن يدرك نفسه و أن يدرك الي أين يسير.
و هناك صورة مماثلة في سورة البقرة الآية 17 و 18 : قال تعالي : " مثلهم كمثل الذى استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم و تركهم في ظلمات لا يبصرون, صم بكم عمي فهم لا يرجعون"
و هناك صورة أخرى أيضا في سورة البقرة آية 20 , قال الله تعالي : " يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه و اذا أظلم عليهم قاموا و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم , ان الله علي كل شيء قدير".
لاحظ أن في نهاية كل آية هناك نتيجة حتمية , الآية الأولي مثلا نتيجتها أن هؤلاء الناس المقصود بهم الآية سوف يكونون كالذين لا يسمعون و الذين لا يتكلمون و الذين لا يبصرون , أى بالمعني المتداول بيننا في الحياه العامة سوف يكون ( أخرص و أعمي معا ) , وهذا صعب جدا , أن يكون الأنسان علي قيد الحياه و لا يعلم ما يدور حوله و لا يستطيع أن يشارك مع ما حوله بالأستماع و التحدث و المشاهدة , و كما يبدو من الآية أن هذه النتيجة نهائية , و لا رجعة فيها مرة أخرى لحالة الأنسان ما كان عليه من قبل.
أما الآية الأخرى فيقصد بها (تعالي ) نوع آخر من الناس , وهم مثل هؤلاء الذى تحدثنا عنهم في الآية السابقة و لكنهم موضوعون تحت الأختبار و يستطيعون أحيانا رؤية أنفسهم و أحيانا أخرى لم يستطيعون أدراكها , ويفهم ذلك بالنتيجة التالية للآية و هي " ان الله علي كل شيء قدير " .
هذه محاولة مني لايجاد تشابه فيما أتحدث عنه وليس بالضرورة أن يكون هذا هو المقصود بهذه الآيات.
أردت فقط التحدث عن هذه اللحظة لأنها تعتبر مهمة في حياة الأنسان , فكل أنسان يجب أن يمر بهذه اللحظة : اللحظة القريبة جدا من نفسه , و اللحظة الصعبة جدا في حياته , و عند أجتيازه أصعب لحظة في حياته يكون ما بعد هذه اللحظة هو كيانه الجديد , و هي الأستفادة.
شكرا علي الحوار,
Bookmarks